كما تعلمون في سبب نزول قوله تبارك وتعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب:٥٩]، هل المقصود أن يعرفن بأن فلانة زينب أو فلانة عائشة أو فلانة كذا، أم أن المقصود أن يعرفن بالصفة؟ المقصود: أن يعرفن بالصفة؛ لأن هناك قرينة في الآية واضحة جداً، وهي أن الخطاب هنا موجه لنساء النبي صلى الله عليه وسلم، قال عز وجل:((يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ))، هل أزواج الرسول عليه الصلاة والسلام كن يكشفن وجوههن؟ لا، بل معروف بالإجماع أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن محجبات حجاباً كاملاً يغطي جميع البدن بما في ذلك الوجه والكفين.
((قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ))، الإدناء شيء زائد على لبس الجلباب، يقال: أدن الثوب من وجهك، يعني: غطه به.
هذا كلام العلماء في غير زمان الغربة الذي نحن فيه الآن، حيث صار كل من هب ودب يتطاول على الدين، ويسترسل مع الموجة الشيطانية -التي نحن فيها- حيث صرنا نسمع نوعاً من الافتراء على الله وعلى كتاب الله تبارك وتعالى في تفسيره، فهذه الآية باتفاق المفسرين في هذا المعنى.
قوله تعالى:((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ))، يعني: هن في الأصل لابسات الجلباب، لكن أمرن بشيء زائد على الجلباب ألا وهو الإدناء بتغطية الوجه.
((ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ))، ذلك أدنى أن يعرفن بأنهن حرائر فلا يتعرض لهن المنافقون بالأذية، ولذلك (كان عمر رضي الله تعالى عنه إذا رأى أمة متقنعة أو مغطية وجهها كان يعلوها ضرباً بالدرة ويقول: تتشبهين بالحرة يا لكع) يضربها كي لا تشابه الحرائر في لبسهن وهيئتهن.