للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الصديقية ومنزلتها وفضلها وحقيقة الشهداء والصالحين]

قوله: (الصديقين) الصديقين: جمع صديق، وهو المبالغ في صدق ظاهره بالمعاملة، وباطنه بالمراقبة، صادق في ظاهره في العبادات والمعاملات، وفي باطنه بمراقبة الله سبحانه وتعالى، أو هو الذي يصدق قوله فعله.

وقال الرازي: للمفسرين في الصديق وجوه: الأول: أن كل من صدق بكل الدين ولا يتخالجه فيه شك فهو صديق، أي: فالصديق مبالغة من التصديق بكل ما جاء من أمر الدين.

والدليل عليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ} [الحديد:١٩].

الثاني: قال قوم: الصديقون أفاضل أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الثالث: أن الصديق اسم لمن سبق إلى تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم، فصار في ذلك قدوة لسائر الناس، وإذا كان الأمر كذلك فـ أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه أولى الخلق بهذا الوصف، فإن أعظم الصديقين على الإطلاق هو أبو بكر رضي الله عنه، فهو أفضل البشر بعد الأنبياء، وأعظم الأولياء وأحبهم إلى الله سبحانه وتعالى.

ثم جود الرازي الكلام في سبقه رضي الله تعالى عنه إلى التصديق، وفي كونه صار قدوة للناس في ذلك؛ لأن أبا بكر رضي الله تعالى عنه لما صدق وبادر بتصديق النبي صلى الله عليه وسلم بمجرد ما علم أنه أرسل أو نبئ صار قدوة لمن تبعه على الإسلام بعد ذلك.

في هذه الآية أيضاً دليل على صحة إمامة أبي بكر رضي الله تعالى عنه؛ لأن هذه الآية تدل على إنعام الله عز وجل على هؤلاء الصديقين، وأجمع المسلمون على تسمية أبي بكر بـ الصديق، فدل على أوليته وأحقيته بالإمامة دون من عداه.

(والشهداء) يعني: الذين استشهدوا في سبيل الله تبارك وتعالى.

(والصالحين) الذين صلحت أحوالهم وحسنت أعمالهم.