قال تعالى:{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا}[المزمل:١٧].
أي: كيف تقون أنفسكم إن بقيتم على كفركم ولم تؤمنوا بالحق يوم القيامة، وحاله في الهول ما ذكر الله سبحانه بقوله:{يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا مَهِيلًا}[المزمل:١٤]، ثم قال:{إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا}[المزمل:١٥ - ١٦].
فإذا كان يوم القيامة حاله ما ذكر، وهو يوم يجعل الولدان شيباً، أي: الطفل الصغير يشيب رأسه من أهوال يوم القيامة، مع أنه لم يرتكب معصية ولا ذنباً، فكيف تكون الأهوال في حق هؤلاء؟! وهذا كلام جرى مجرى المثل وليس ذلك على حقيقته؛ لأن الأمة مجمعة على أن الأطفال لا تتغير صفاتهم وصورهم في الآخرة إلى الشيب، والأصل في هذا أن الهموم والأحزان إذا توالت على الإنسان شاب سريعاً.
على أي الأحول هذا الكلام نسبه القاسمي إلى ابن أبي الحديد الذي ينسب إليه شرح نهج البلاغة، فهو يستبعد أن يكون الكلام على حقيقته، وعندنا أنه لا يوجد ما يمنع أن يكون على حقيقته، وأن الأطفال تتغير صفاتهم وصورهم في الآخرة إلى الشيب؛ لكن نقول: إن هذا يحصل في أهوال يوم القيامة وليس في ولدان الجنة.
يقول أبو الطيب المتنبي في قصيدة له: والهم يخترم الجسيم نحافة ويشيب ناصية الصبي ويهرم أي: الشخص البدين المليء إذا أصابه الهم فإنه يعود نحيفاً، وكذلك الهم يشيب ناصية الصبي، ويوصله إلى الهرم والكبر.