[الخوض في آيات الله المقصود به: الخوض بالطعن والاستهزاء]
وقال الرازي:(ومن الحشوية من استدل بهذه الآية في النهي عن الاستدلال والمناظرة في ذات الله تعالى وكتابه) قال: لأن ذلك خوض في آيات الله، والخوض في آيات الله حرام بدليل هذه الآية ويعني بهذه الآية قوله تعالى:{وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}[الأنعام:٦٨] إلى آخر الآية الكريمة، فبعض هؤلاء استدلوا بأنها تنهى عن المناظرة في ذات الله تعالى وصفاته، باعتبار أن هذا خوض في آيات الله عز وجل، والجواب عن ذلك: أن المراد من الخوض في الآية الشروع في الطعن والاستهزاء، فسقط هذا الاستدلال والله تعالى أعلم.
فالمقصود الخوض أي: بالطعن والاستهزاء، لكن الإنسان إذا تعلم مثلاً كيف يؤمن بأسماء الله عز وجل وصفاته، ويتعرف على قواعد السلف الصالح في ذلك فإن هذا ليس من الخوض، لأنه متعلم وطالب علم ومستفهم راغب في التعلم ومعرفة الحق من القرآن والسنة، فكيف يسمى هذا فوضى.
وفي هذا أيضاً رد على ذلك الرجل الذي كتب في الأسبوع الماضي في جريدة الشعب، وجريدة الشعب حاولت أن تتنصل من جريمتها، وعملت مقدمة: أننا نرحب بالرأي والرأي الآخر -حتى يتقنون بذلك عدوانهم- ونحن ما نوافق الكاتب في الكلام الذي كتبه في هذه المقالة، وإنما نحن فقط ضد هؤلاء الناس الذين يشغلون المسلمين بالأمور الفرعية التافهة إلى آخر هذه الإسطوانة التي حفظناها.
ثم كتب هذا الكاتب مقالة كلها ظلم وعدوان وتعد على السلفية، كان يسميها -فيما أظن- السلفية وقذائف التكفير، يعتبر أن السلفيين يقذفون الناس بقذائف التكفير، وهو سلاح تكفير العلماء والدعاة وغير ذلك، وحشا مقاله بالجهل وبالعدوان، وكان مما قاله: إن من ضمن المسائل التافهة أو القشور الفارغة التي يفرق بها السلفيون الأمة الكلام في القضايا الفرعية، مثل أسماء الله وصفاته إلخ.
فالرجل لا يعرف ما هي الأصول وما هي الفروع، وكل الفرق -حتى الفرق الضالة- متفقة على أن قضية التوحيد والأسماء والصفات أصل الأصول في الدين، وأن معرفة الله سبحانه وتعالى هي أصل التوحيد، فكيف يدرجها في الفروع والقشور كما يزعم؟! والحقيقة أن المقالة لا تستحق الاهتمام بها؛ لأنها كانت مبنية على الظلم، وهي نفثه مصدور، أي الإنسان الذي في صدره شيء ويريد أن ينفس عنه فقط، ليس فيها أي علم ولا حتى شبهة تستحق الرد عليها، كلها شتائم وإلقاء الكلام جزافاً واصطياد في الماء العكر؛ لأن ما جاء به كان في الرد على إحدى المقالات في مجلة سلفية وهي تتكلم عن تصرفات بعض الشيوخ المشاهير المتعلقة بانحرافات في قضية التوحيد في الصوفية والقبورية وشيء من هذا، فلأن ذلك الشيخ كان مشهوراً جداً فهو أراد أن يعكر الماء أولاً ثم يصطاد فيه، ليبين أن السلفيين يكفرون الناس! ولا شك في أن المنهج السلفي أضبط المناهج في قضية التكفير، وهو أمر معلوم للجميع.
فالشاهد أن معرفة صفات الله تعالى ونحو ذلك هذا ليس خوضاً في آيات الله، وإنما الخوض أن تنحرف عن منهج السلف بالتأويل والتمثيل والطعن والاستهزاء، هذا هو الخوض في آيات الله، أما أحد يتعلم -مثلاً- قضية القضاء والقدر، أو قضية أسماء الله وصفاته في ضوء فهم السلف الصالح وبالنقل عن العلماء والأئمة فهذا ليس من الخوض في شيء والله، تعالى أعلم.