((وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا)) أي: قس لهؤلاء المتكبرين الذين سألوك طرد فقراء المؤمنين، ((مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ))، فشبه الدنيا بالماء؛ لأن الماء لا يستقر في موضع، وكذلك الدنيا لا تبقى على حال واحد، ولأن الماء لا يستقيم على حالة واحدة، وكذلك الدنيا، ولأن الماء لا يبقى بل يذهب، وكذلك الدنيا تذهب، ولأن الماء لا يقدر أحد أن يدخله ولا يبتل، وكذلك الدنيا لا يسلم أحد دخلها من فتنتها، ولأن الماء إذا كان بقدر كان نافعاً منبتاً، وإذا جاوز المقدار كان ضاراً مهلكاً، كذلك الدنيا، فالفكاك منها ينفع، وقبولها يضر، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم:(قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً، وقنعه الله بما آتاه).
وقال تبارك وتعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الكهف:٤٦]، وذلك أن في المال جمالاً ونفعاً، وفي البنين قوة ودفعاً، فصارا زينة الحياة الدنيا، لكن معه قرينة الصفة للمال والبنين؛ لأن المعنى: المال والبنون زينة هذه الحياة الدنيا المحتقرة، فلا تتبعوها نفوسكم.
إذاً: فهذه الآية في الحقيقة هي رد على من افتخر بالغَناء والترف، فأخبر تعالى أن ما كان من زينة الحياة الدنيا فإنه يمر ولا يبقى، كالهشيم حين تذروه الرياح، وإنما يبقى ما كان من زاد القبر وعُدد الآخرة، ولذلك قال تعالى:{الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[الكهف:٤٦] أي: التي عرفتم صفتها، فلا ينبغي لأحد أن يتفاخر بهما.
{وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا}[الكهف:٤٦] أي: والباقيات الصالحات أفضل عند ربك ثواباً وخير أملاً، أي: أفضل أملاً من الافتخار بالمال والبنين دون عمل صالح.
وقد جاء اللعب مقدماً على اللهو في أربعة مواضع من القرآن الكريم، وقد نظمت في بيتين وهما: إذا أتى لعب ولهو وكم من موضع هو في القرآن فحرف في الحديث وفي القتال وفي الأنعام منها موضعان