قوله:{كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ}[الكهف:٥] هذا أسلوب تعجب، أي: ما أكبرها كلمة (تخرج من أفواههم)، وذلك لأن الولد لله مستحيل، ولا معنى لنسبة الولد إلى الله سبحانه وتعالى، فهذا علم يقيني يشهد أن الوجود الواجدي أحدي الذات -الوجود الواجدي: من مصطلحات المتكلمين، ومعناه واجب الوجود، وهو الله سبحانه وتعالى- فهو أحدي الذات لا يماثله الوجود الممكن، والولد مماثل لوالده في النوع، والله سبحانه وتعالى لا مثل له، ولا مكافئ له في القوة، قال الله عز وجل:{وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ}[الإخلاص:٤].
وإعراب قوله:(كبرت كلمة تخرج من أفواههم)، إعرابها: صفة لكذب، في محل نصب صفة للكذب؛ لأن الجمل بعد النكرات صفة، فقوله تعالى:(كبرت كلمة تخرج من أفواههم)، تفيد استعظام اجترائهم على إخراجها من أفواههم، وهذا شيء عظيم جداً؛ لأن الكلمة تخرج من أفواههم، كيف ساغ للشعوب أن تنطق بهذه الكلمة؟ والمعنى: كبر خروجها من أفواههم- أي: عظمت بشاعته وقباحته بمجرد التفوه- فما بالك باعتقاده، لمجرد أن الفم ينطق بهذه الكلمة وهي الزعم بأن لله ولداً هذه من أقبح وأشنع ما يرتكب، فكيف باعتقاد ذلك في قلوبهم؟ قوله:(إن يقولون إلا كذباً)، أي: إن يقولون إلا خوضاً لا يكاد يدخل تحت إمكان الصدق أصلاً، وذلك لتطابق الدليل القطعي والوجدان الروحي على استحالة أن يكون لله عز وجل ولد.