[تفسير قوله تعالى:(ثم رددناه أسفل سافلين) إلى آخر السورة]
يقول الله سبحانه وتعالى:{ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}[التين:٥]، أي: جعلناه أسفل من سَفُل، وهُم أصحاب النار؛ لعدم جريانه على موجب ما خلقناه عليه من الصفات التي لو عمل بمقتضاها لكان في أعلى عليين.
وأسفل سافل للمتعثر المتفاوت؛ لأن دركات النار كلما كانت أسفل تكون أسوأ، فقوله:{أَسْفَلَ سَافِلِينَ}[التين:٥] يعني: أحطّ منزلة، و (ثم) للتراخي الزماني، أو هو رتبي، أو (أسفل سافلين) أي: إلى مكان أشد سفولاً وهو النار بمعنى: جهنم.
وقوله:(أسفل سافلين) قيل: نزلهم منزلة العقلاء، كذا قالوا، ولو قيل: هم أهل النار والدركات؛ لأنهم أسفل السفل لكان أولى.
قوله:(ثم رددناه) يعني: أننا نفعل هذا بكثير من الناس، وليس بكل إنسان، والعرب تقول لمن ينفق: أَنفَقَ ماله على فلان.
مع أنه لم ينفق كل المال، وإنما بعض المال، ويقول تعالى:{الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى}[الليل:١٨] هل يقصد كل ماله؟ لا، بل بعض ماله.
وبعض المفسرين ذهبوا إلى أن معنى قوله تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ}[التين:٤]، أي: القوة والشباب والفتوة، {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ}[التين:٥]، أي: بأن يُردّ إلى أرذل العمر.