يقول الشنقيطي: واعلم أن كل عاقل رأى رجلاً متديناً في زعمه، مدعياً حب النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيمه، وهو يعظم النبي صلى الله عليه وسلم، ويمدحه بأنه هو الذي خلق السماوات والأرض، وأنزل الماء من السماء، وأنبت به الحدائق ذات البهجة، وأنه صلى الله عليه وسلم هو الذي جعل الأرض قراراً، وجعل خلالها أنهاراً، وجعل لها رواسي، وجعل بين البحرين حاجزاً، فإن ذلك العاقل لا يشك في أن ذلك المادح المعظم في زعمه من أعداء الله ورسوله، المتعدين لحدود الله.
فلا فرق بين إجابة المضطرين وبين كشف السوء عن المكروبين، فعلينا معاشر المسلمين أن ننتبه من نومة الجهل، وأن نعظم ربنا بامتثال أمره، واجتناب نهيه، وإخلاص العبادة له، وتعظيم نبينا صلى الله عليه وسلم باتباعه والاقتداء به في تعظيم الله، والإخلاص له والاقتداء به في كل ما جاء به.
وأثنى الله سبحانه وتعالى على نبيه وأصحابه لالتجائهم إليه وقت الكرب يوم بدر في قوله:{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ}[الأنفال:٩].
ثم يقول الشنقيطي: اعلم أنه يجب على كل مسلم أن يتأمل في معنى العبادة، وهي تشمل جميع ما أمر الله أن يتقرب إليه به من جميع القربات، فيخلص تقربه بذلك إلى الله سبحانه وتعالى، ولا يصرف شيئاً منها لغير الله كائناً ما كان، والظاهر أن ذلك يشمل هيآت العبادة.
يعني: كما أن العبادة لا تصرف إلا إلى الله، كذلك هيآت العبادة، فبعض الناس يذهب إلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام، فيقف أمام القبر، ويضع يده اليمنى على اليسرى كما يفعل داخل الصلاة، وهذه هيئة من هيآت الصلاة، فينبغي أن تكون خالصة لله، كما كان صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه يخلصون العبادات وهيآتها لله تبارك وتعالى وحده.
والعبادة أنواع فمنها: عبادات قلبية، وبدنية، ومالية، وقولية: فمثال القلبية: الحب والرجاء، والتوكل، والإنابة، واليقين ونحوها.
وهناك عبادات قولية مثل: الذكر والحلف والنذر وقراءة القرآن وهكذا.
والعبادات المالية كالزكاة والصدقة والنذر والحج ونحو ذلك.
والعبادات البدنية كالصيام والصلاة والجهاد ونحو ذلك، فكل هذه العبادات لا ينبغي أن توجه إلا إلى الله سبحانه وتعالى، فلا يحلف إنسان إلا بالله، فإذا حلف بغير الله فقد وجه العبادة إلى غير مستحقها حتى لو كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم.