للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ثمرة الآيات الكريمات وسبب نزولها]

وقال بعض المفسرين: ثمرة الآية وجوب الهجرة من دار الكفر، ولا خلاف أنها كانت واجبة قبل الفتح، ولذلك قال تعالى في سورة الأنفال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجَرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال:٧٢]، وقيل: نسخت بعد الفتح، والصحيح عدم النسخ.

ومعنى قوله عليه السلام: (لا هجرة بعد الفتح) أي: لا هجرة من مكة؛ لأن مكة نفسها صارت دار إسلام.

قال جار الله الزمخشري: وهذا يدل على أن الرجل إذا كان في بلد لا يتمكن فيه من إقامة أمر دينه كما يجب لبعض الأسباب، وعلم أنه في غير بلده أقوم بحق الله حقت عليه الهجرة، ثم قال رحمه الله: قال في التهذيب: وعن القاسم بن إبراهيم: إذا ظهر الفسق في دار ولا يمكنه الأمر بالمعروف فالهجرة واجبة، والله المستعان! وهذا بناءً على أن الدور ثلاث: دار إسلام.

ودار فسق.

ودار حرب.

وقال عليه الصلاة والسلام: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها)، وقال أيضاً: (لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو).

والذي يستطيع الانتقال إلى بلد الإسلام، لكن وجوده في بلاد الكفار فيه إظهار للدين ونشاط في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، بحيث يثبِّت المسلمين هناك على الإسلام، ويتسبب في دخول الكفار إلى الإسلام، فهذا بقاؤه هناك يكون أنسب له وأفضل له من تحوله إلى بلاد المسلمين، إذا كان لا يتأثر بهذه الفتن، وهذه حالات استثنائية.

وقد روى البخاري والنسائي وغيرهما عن ابن عباس قال: (نزلت في جماعة أسلموا ولم يهاجروا، وخرجوا مع المشركين يكثرون سوادهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقتلوا يوم بدر مع الكفار).