قوله تعالى:((قَالُوا يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ)) أي: ما جئتنا بحجة تدل على صحة دعواك.
وذلك لقصور فهمهم وعمى بصيرتهم عن إدراك البرهان، وللغشاوات والأقفال التي على قلوبهم فلم يستطيعوا أن يفهموا هذه البينة، فأحياناً يكون العيب في عقل المستمع وليس في حجة المتكلم، وهذا حال منكري رسالات الأنبياء.
((عن قولك)) هذا حال من ضمير تاركي أي: وما نحن بتاركي آلهتنا صادرين عن قولك.
أو ((عن)) للتعليل كما في قوله: {إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ}[التوبة:١١٤] أي: لأجلها.
والقول بأنها حال أبلغ؛ لدلالته على كونه علة الفاعلية، وهذا كقولهم في الأعراف:{أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}[الأعراف:٧٠] انظر إلى الخبل الذي في عقولهم! ((وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ)) أي: مصدقين، والمقصود إقناط الرسل من إجابتهم.