وهذه الآية الكريمة في سورة الأنعام هي المشار إليها في آية سورة النساء، وهي قوله تعالى:{وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ}[النساء:١٤٠]، فالمقصود بقوله تعالى:(في الكتاب) هذه الآية التي في سورة الأنعام؛ لأن الأنعام نزلت قبل النساء {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ}[النساء:١٤٠]؛ لأن في حضور المنكر مع إمكان التباعد عنه مشاركة لصاحبه، قال السيوطي في الإكليل:(في هذه الآية وجوب اجتناب مجالس الملحدين وأهل اللغو) فيؤخذ من هذه الآية أنه واجب على الإنسان أن يهجر مجالس اللغو ومجالس الملاحدة، وما أكثر مجالس الملاحدة! ومجالس الملاحدة اليوم متعددة، كمجلاتهم والنظر إلى التلفزيون وغير ذلك؛ لأن الحال الآن تنوع وتلون ألواناً كثيرة، فكم من آية يسخرون منها! وكم من حكم شرعي يستهزئون به! وكم من حديث يذكر في مقام الاحتقار والازدراء والعياذ بالله! فهؤلاء جميعاً من هؤلاء الملاحدة، كالممثلة التي رقصت في مسرحية على أنموذج للكعبة المشرفة، حيث صنعوا أنموذجاً للكعبة وصعدت الراقصة فوقه ترقص عليه -والعياذ بالله-!! فهذا إلحاد كفر بالله عز وجل واحتقار لما عظمه الله سبحانه وتعالى، وهو بيت الله الحرام، ومثلها الممثلة التي سخرت من كلمة التوحيد فقالت:(لا إله أُلَّا الله) والناس يضحكون، يضحكون بصورة صارخة على هذا الكفر وهذا الشرك والعياذ بالله، فالإنسان لا يجوز له أبداً أن يجالس هؤلاء الفسقة أو الملاحدة بتعبير أدق، وإلا كان شريكاً لهم في الإثم، والأنواع والأمثلة كثيرة جداً لشهرتها، والمفروض أن الإنسان يتجنب كل مجلس غلب على ظنه أن فيه الخوض في آيات الله سبحانه وتعالى؛ لأن هذا نوع من المجالسة لهؤلاء الفاسقين، سواء أكان في التلفزيون أم في الراديو أم في المسارح أم في المجلات، ومجلات الملحدين الآن معروفة ومشهورة، ومن ثم لا ينبغي للإنسان أن يجالسهم أو يطالع ما معهم إلا لمقصد شرعي.
قال السيوطي في الإكليل:(في هذه الآية وجوب اجتناب مجالس الملحدين وأهل اللغو، ويستدل بها على أن الناسي غير مكلف، وأنه إذا ذكر عاد إلى التكليف، فيعفى عما ارتكبه في حال نسيانه، ويندرج تحت ذلك مسائل كثيرة في العبادات والتعليقات).