قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} أي: أي شيء خدعك وجرأك على عصيانه والانحراف عن فطرته.
وذكر الكريم للمبالغة في المنع عن الاغترار؛ لأنه بمعنى العظيم الجليل الكامل في نعوته، ومن كان كذلك فجدير بأن يرهب عقابه ويخشى انتقامه وعذابه، لاسيما وله من النعم العظيمة والقدرة الكاملة، ما يزيد في الرهبة كما قال:{الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ} أي: جعلك سوياً متكامل الأعضاء والقوى.
وأصل التسوية جعل الأشياء على سواء، فتكون على وفق الحكمة ومقتضاها لإعطائها ما تتم به.
(فعدلك) أي: جعلك معتدلاً، متناسب الخلقة، معتدل القامة، وليس كالبهائم التي تمشي على الأربع.
وقرئ بالتخفيف:(فعدَلَك) أي: صرفك عن خلقة قبيحة إلى خلقة حسنة تميزت بها على سائر الحيوان.
قوله تعالى:{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} أي: في أي صورة شاءها ركبك عليها، فقد ركبك في صورة هي أبدع الصور وأعدلها.
فأي استفهامية، والقصد أن من خلق هذا الخلق البديع وسواه وعدله بقدرته وتقديره، حتى أحكم صورته في ذلك التصوير، لجدير بأن يتقى بأسه ويحذر بطشه ويرهب أشد الترهيب.