كلام السيوطي في تفسير قوله تعالى: (فما لكم في المنافقين فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً)
يقول السيوطي رحمه الله تعالى: ولما رجع ناس من معركة أحد -وهم المنافقون- اختلف الناس فيهم، فقال فريق: نقتلهم، وقال فريق: لا، فنزل: (فما لكم) أي: ما شأنكم صرتم (في المنافقين فئتين) فرقتين، لذلك فإن إعراب كلمة فئتين يكون بتقدير كلمة صرتم.
(والله أركسهم) أي: ردهم.
(بما كسبوا) من الكفر والمعاصي.
(أتريدون أن تهدوا من أضل الله) أتريدون أن تهدوا من أضله الله، أي: تعدوهم من جملة المهتدين، والاستفهام في الموضعين للإنكار.
(ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً) أي: ومن يضلله الله فلن تجد له طريقاً إلى الهدى.
(ودوا) أي: تمنوا.
(لو تكفرون كما كفروا فتكونون) أنتم وهم (سواءً) في الكفر.
(فلا تتخذوا منهم أولياء) توالونهم وإن أظهروا لكم الإيمان.
(حتى يهاجروا في سبيل الله) هجرة صحيحة تحقق إيمانهم.
(فإن تولوا) يعني: عن الهجرة كما ذكرنا وأقاموا على ما هم عليه.
(فخذوهم) بالأسر.
(واقتلوهم حيث وجدتموهم ولا تتخذوا منهم ولياً) توالونه (ولا نصيراً) تنتصرون به على عدوكم.
(إلا الذين يصلون) يلجئون.
(إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق) عهد بالأمان لهم، كما عاهد صلى الله عليه وسلم هلال بن عويمر الأسلمي على أن لا يعين على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يعينه، على أن من لجأ إليه لا يتعرض الرسول صلى الله عليه وسلم له.
(أو) الذين (جاءوكم) وقد (حصرت) ضاقت، (صدورهم) عن (أن يقاتلوكم) مع قومهم، (أو يقاتلوا قومهم) معكم، أي: ممسكين عن قتالكم وقتالهم فلا تتعرضوا إليهم بأخذ ولا قتل.
وهذا وما بعده منسوخ بآية السيف.
وسبق البيان أن معنى النسخ في مثل هذه المواضع من القرآن الكريم يتفاوت بحسب حال المسلمين، أما النسخ الآخر كنسخ الخمر والربا أو غير ذلك من الأشياء التي نسخ حكمها تماماً.
(ولو شاء الله) تسليطهم عليكم، (لسلطهم عليكم) بأن يقوي قلوبهم، (فلقاتلوكم) ولكنه لم يشأه فألقى في قلوبهم الرعب.
(فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم) الصلح أي: انقادوا.
(فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً) أي: طريقاً بالأخذ أو القتل.