أكبر وأقوى وأعظم معجزات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي التحدي بالقرآن، وألفت مئات الكتب في بيان إعجاز القرآن الكريم، وقد عجز المشركون عن أن يأتوا بسورة مثله، قال الله تبارك وتعالى لهم:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا}[البقرة:٢٤] وهذا تحدٍّ، وبالفعل لم يجرؤ أحد منهم أن يواجه هذا التحدي، وكل من حاول أن يحاكي بلاغة القرآن، أتى بأشياء يضحك عليه كل من سمعه من العقلاء، فهذا مسيلمة يقول: الفيل، وما أدراك ما الفيل؟ ذو خرطوم طويل، وذنب قصير! وغير ذلك من الكلام البارد الذي إذا سمعه إنسان استخف عقل قائله وسفهه.
قوله:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا}[البقرة:٢٤] يعني: إن لم تفعلوا ما ذكر من قبل بسبب عجزكم.
قوله:{وَلَنْ تَفْعَلُوا}[البقرة:٢٤] يعني: ولن تفعلوا ذلك أبداً؛ لظهور إعجازه، وهذه الجملة {وَلَنْ تَفْعَلُوا} جملة اعتراضية.
وقوله:{فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} تعتبر أعظم دلالة على صحة نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإنهم لم يفعلوا كما أخبر الله تبارك وتعالى هذا أبداً، ولم يستطيعوا ولم يجرؤ واحد منهم مع أن التحدي قائم، وهم حريصون على الطعن في الدين بكل مستطاع؛ فلذلك لم يفعلوا، فهذا أقوى وأظهر وأوضح وأجلى دليل على صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
قوله:{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ}[البقرة:٢٤] يعني: بالإيمان بالله وبأن القرآن ليس من كلام البشر، اتقوا النار التي وقودها الناس، والمقصود بالناس هنا هم الكفار، والحجارة هي أصنامهم المصنوعة من الحجارة، يعني: أنها من شدة الحرارة توقد بما ذكر لا كنار الدنيا توقد بالحطب ونحوه، فالناس أنفسهم هم الذين يكونون وقوداً للنار والعياذ بالله، وكذلك الحجارة تكون وقودها.
قوله:{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}[البقرة:٢٤] أي: هيِّئت للكافرين يعذبون بها.