للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شروط العمل الصالح المقبول]

شروط العمل الصالح الذي يقبل من العبد: الشرط الأول: الإيمان فلابد أن يكون فاعله مؤمناً كي ينفعه عمله في الآخرة، قال عز وجل: {وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ} [الإسراء:١٩]، إذاً لابد من الإيمان.

الشرط الثاني: الإخلاص، ألا يريد بالعمل الصالح إلا وجه الله سبحانه وتعالى.

الشرط الثالث: الاقتداء ومتابعة النبي صلى الله عليه وسلم؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

ونظير قوله تعالى: ((أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ)) هذه الآية: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء:١٨]، لذلك احذر أيها المؤمن! إذا دعوت الله سبحانه وتعالى أن تطلب الدنيا فقط؛ لأنها إذا كانت ساعة إجابة وكان وقت قبول هذا الدعاء، فمن قصور النظر أن تطلب العاجلة وتغفل عن الآخرة التي فيها الفوز الحقيقي الدائم الذي لا ينقطع.

فالإنسان يدعو بصلاح الدنيا، لكن يردف ذلك دائماً بصلاح الدين كما علمنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكما في الدعاء الذي في سورة البقرة: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة:٢٠١]، أما الكافر فلا يطلب إلا الدنيا، فإياك أن تتشبه به؛ لأنك إذا اهتممت بصلاح الدنيا وغفلت عن صلاح الدين فقد تندم بعد ذلك.

فالإنسان يحضر قلبه في الدعاء، وكما يدعو بصلاح الدنيا فعليه أن يهتم بصلاح الآخرة: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ} [الإسراء:١٨]، وحرصك على الدنيا لن يخرج عما يريده الله بك سبحانه وتعالى.

{ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا * كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا} [الإسراء:١٨ - ٢٠]، وتأمل قوله تعالى: (فأولئك كان سعيهم مشكوراً) إن الذي يشكر لهم هو الله سبحانه وتعالى، فأي شرف أعظم من أن الله هو الذي يشكر لك عملك.

ودائماً أتذكر معنى هذه الآية الكريمة وأمثالها كلما قرأت في صفحات الوفيات أو في إعلانات الجرائد، وذلك عندما يعزي رئيس الجمهورية فلاناً أو فلاناً؛ فكم يفخر أقارب الميت إذا كان رئيس الجمهورية هو المعزي لهم؟! فما ظنك بالذي يشكر له الله سبحانه وتعالى عمله، فأي شرف أعظم من ذلك؟! والله سبحانه وتعالى هو غني عنك وعن عملك، بل أنت خلقت بنعمة الله من العدم، ووفقت للعمل الصالح الذي يشكرك الله عليه بقوة الله وإنعامه عليك، فلله الحمد أولاً وآخراً.

ومن ذلك أيضاً قوله تبارك وتعالى: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى:٢٠] لأنه ما أراد حرث الآخرة.