للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (إن يشأ يذهبكم أيها الناس)]

قال تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا} [النساء:١٣٣].

((إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ)) أي: يفنكم ويستأصلكم بالمرة.

((وَيَأْتِ بِآخَرِينَ)) يعني: يوجد مكانكم قوماً آخرين من البشر أو خلقاً آخرين مكان الإنس، ولكن الله أبقاكم على ما أنتم عليه من العصيان.

إذا نظرنا للإنسانية كلها فسنرى الكفر والإلحاد ومحاربة الله والصد عن سبيله إلى غير ذلك مما يحتف به سكان هذه الأرض، فالمقصود من الآية أن إبقاءكم رغم ما أنتم فيه من العصيان إنما هو لكمال غناه عن طاعتكم، ولعدم تعلق مشيئته المبنية على الحكم البالغة بإفنائكم، لا لعجزه سبحانه وتعالى، وإمهال الله إيانا ليس عجزاً منه سبحانه وتعالى عن أن يؤاخذنا، فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يذهب بنا ويأتي بقوم آخرين.

{وَكَانَ اللَّهُ عَلَى ذَلِكَ قَدِيرًا} أي: على إهلاككم بالمرة والإتيان بغيركم.

((قَدِيرًا)) أي: بليغ القدرة، كما قال تعالى: {وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ} [محمد:٣٨]، وقال تعالى: {إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ} [فاطر:١٦ - ١٧].

قال بعض السلف: ما أهون العباد على الله إذا أضاعوا أمره.