ثم بين تبارك وتعالى أن دوام غضبه عليهم لا ينافي إعطاءهم الأموال والأولاد؛ لأن الله سبحانه وتعالى يعطي الدين فقط من يحب، ويعطي الدنيا من أحب ومن لا يحب؛ لهوانها على الله عز وجل، فقال تبارك وتعالى:{وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}[التوبة:٨٥].
(لا تعجبك أموالهم وأولادهم)؛ لأن الله لم يرد الإنعام عليهم بها ليدل على رضاه عنهم، بل يريد الانتقام منهم.
(إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا) بالمشقة في تحصيلها، وبالمشقة في حفظها، وبالمشقة التي تلحقهم في الحزن عليها عند فراقها.
(وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) أي: فيموتون كافرين غافلين عن التدبر في العواقب، وقد تقدمت الآية في هذه السورة مع تغاير في ألفاظها.
قال الزمخشري: أعيد قوله: (ولا تعجبك) بأن تجدد النزول له شأنه في تقرير ما نزل له وتأكيده، وإرادة أن يكون على بال من المخاطب لا ينساه ولا يسهو عنه، وأن يعتقد أن العمل به مهم، يفتقر إلى فضل عناية به، لا سيما إذا تراخى ما بين النزولين، فأشبه الشيء الذي أهم صاحبه، فهو يرجع إليه في أثناء حديثه ويتخلص إليه، وإنما أعيد هذا المعنى لقوته فيما يجب أن يحذر منه.