قال تعالى:{إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى}[الليل:٤] هذا هو جواب القسم، أي: إن سعيكم مختلف في جزائه، ومفترق في عاقبته، منه ما يسعد به الساعي ومنه ما يشقى به، فشتان ما بينهما كما فصله فيما بعد.
قوله:(شَتَّى) جمع شتيت بمعنى مفترق، و (سعيكم) مصدر مضاف يفيد العموم، فأي مصدر إذا كان مضافاً فإنه يفيد العموم؛ فهو من حيث المعنى جمع، ومن حيث اللفظ مفرد، لذلك أخبر عنه بالجمع في قوله:(شتى) فهو جمع شتيت وهناك وجه آخر وهو أنه: مفرد، وتكون شتى مصدراً مؤنثاً لذكرى وبشرى، وتكون خبراً لسعيكم بتقدير مضاف، أي: ذو شتى، أو بتأويله بالوصف، أي: شتيت، أو بجعلها عين الافتراق مبالغة، ويأتي في القرآن نفس المعنى في قوله تعالى:{لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ}[الحشر:٢٠] وأيضاً قوله تعالى: {أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ}[السجدة:١٨]، وقال تعالى:{أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ}[القلم:٣٥] وقال تعالى: {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الجاثية:٢١].