((قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا))، القائل إما الملائكة أو المؤمنون.
قال الزمخشري: فيه طرد لهم وتهكم بهم، أي: ارجعوا إلى موقف يوم القيامة، إلى حيث أعطينا هذا النور فالتمسوه هناك، فمن ثم يقتبس.
أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نوراً بتحصيل سببه وهو الإيمان.
وهذا تكليف لهم بالذي لا يكون، ففيه نوع من التهكم بهم، فرجوعهم إلى الدنيا غير مستطاع وهو من المحال.
((فالتمسوا نوراً)) أي: اعملوا أعمالاً صالحة حتى تكون عاقبتكم مثل عاقبة هؤلاء المؤمنين.
((ارجعوا وراءكم)) أي: للدنيا ((فالتمسوا نوراً)) هناك، فإن الدنيا للزرع والآخرة للحصاد، ولا يمكن أبداً رجوعهم، فالآخرة دار جزاء والدنيا دار العمل.
قال الزمخشري: أو ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا نوراً بتحصيل سببه وهو الإيمان، أو ارجعوا خائبين وتنحوا عنا فالتمسوا نوراً آخر فلا سبيل لكم إلى هذا النور، وقد علموا أن لا نور وراءهم، وإنما هو تخييب وإقناط لهم.
وكلامهم يدل على حمل النور على حقيقته، ولا مانع من أنه نور الإيمان والعمل الصالح، أي: ارجعوا إلى الدنيا فالتمسوا إيماناً وعملاً طيباً يهديكم في الآخرة، كما أن النور يهدي في الظلمات، والأمر هنا للتحسير والتنديم حتى يندموهم على ما كان منهم.
ونقل الرازي عن أبي مسلم أن المراد بقوله تعالى:((ارجعوا وراءكم)) منع المنافقين عن الاستضاءة فالمؤمنون لهم نور فيقترب منهم المنافقون أو يريدون أن يقتربوا حتى ينتفعوا بالنور، وربما انتفع الإنسان من ضوء مصباح غيره حينما يقترب منه.
قال الرازي: فعلى هذا القول المقصود من قوله: ((ارجعوا)) أن يقطعوا بأنه لا سبيل لهم إلى وجدان هذا المطلوب ألبتة، لا أنه أمر لهم بالرجوع.