[كلام ابن حزم في معنى:(يوم يكشف عن ساق) والرد عليه]
وقال الإمام ابن حزم رحمه الله تعالى في (الفصل): ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم عن يوم القيامة أن الله عز وجل يكشف عن ساقه فيخرون سجداً، فهذا كما قال الله تعالى في القرآن {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُونَ}[القلم:٤٢]، وإنما هو إخبار عن شدة الأمر وهول الموقف، كما تقول العرب: قد شمرت الحرب عن ساقها.
قال جرير: ألا رب سامي الطرف من آل مازن إذا شمرت عن ساقها الحرب شمرا والعجب ممن ينكر هذه الأخبار الصحاح، وإنما جاءت بما جاء به القرآن نصاً، ولكن من ضاق علمه أنكر ما لا علم له به، وقد عاب الله هذا فقال:{بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ}[يونس:٣٩].
كأن ابن حزم يقول: إن هذا الحديث يفهم في ضوء هذه الآية، فالحديث الذي فيه الكشف عن الساق هو كما قال الله في القرآن:((يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ)) يقول: وإنما هو إخبار عن شدة الأمر.
ثم يقول: والعجب ممن ينكر هذه الأخبار الصحاح، وإنما جاءت بما جاء به القرآن نصاً، ولكن من ضاق علمه أنكر ما لا علم له به.
ونحن نتعجب من كلام ابن حزم هذا، فلا شك في أن سياق كلامه أولاً يفهم أنه يمهد لأن يحق الحق في هذا التفسير، ثم إذا به يؤول الحديث، ولا شك في أن التأويل فرع من فروع التكذيب؛ لأن التأويل صرف الكلام عن ظاهره الراجح، فإن كان بلا مرجح فهو تأويل فاسد، ولو سلمنا جدلاً بأن الكشف عن الساق ثابت في اللغة في التعبير عن الشدة والهول ونحو ذلك فلا مانع من ذلك، لكن إذا صح الحديث في ذلك فيجب المصير إليه، ولا يجوز النظر فيما خالفه.
أي: فلو قلنا إن الآية معناها التعبير عن الهول والشدة فهذا لا يعني نفي ما ثبت في الأحاديث الصحيحة في شأن هذه العلامة التي يجعلها الله سبحانه وتعالى بينه وبين المؤمنين يوم القيامة.