[تفسير السيوطي لقوله تعالى: (لا يتخذ المؤمنون) إلى قوله تعالى: (يوم تجد كل نفس) الآيات]
يقول السيوطي رحمه الله تعالى: ((لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ)) أي: يوالونهم.
((مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ)) أي: من غير المؤمنين.
((وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ)) أي: يواليهم.
((فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ)) أي: ليس من دين الله في شيء.
((إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)) مصدر تقيته، أي: تخافوا مخافة فلكم موالاتهم باللسان دون القلب.
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (التقاة: التكلم باللسان والقلب مطمئن بالإيمان)، رواه البيهقي في السنن والحاكم وغيرهما.
وهذا قبل عزة الإسلام، ويجري حكم التقية في كل بلدة ليس الإسلام قوياً فيها.
((وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)) أي: يخوفكم الله نفسه أن يغضب عليكم إن واليتموهم.
((وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ)) أي: المرجع فيجازيكم.
((قُلْ إِنْ تُخْفُوا)) أي: قل لهم إن تخفوا.
((مَا فِي صُدُورِكُمْ)) أي: ما في قلوبكم من موالاتهم.
((أَوْ تُبْدُوهُ)) أي: تظهروه.
((يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ)) يعني: وهو يعلم ((مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) ومنه تعذيب من والاهم.
ثم يقول تعالى: ((يَوْمَ تَجِدُ)) أي: اذكر: ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ))، أي: ما عملته ((مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ)) أي: ما عملته ((مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا))، أي: أن النفس التي عملت السوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً.
فإذاً: (وما عملت) ما: هنا مبتدأ خبره: (تود) ((لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا))، يعني: غاية في البعد فلا يصل إليها.
((وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ)) كرر للتأكيد: ((وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)).