ولم يبين في الآية -أيضاً- حد الكسوة وصفتها، فالواجب حينئذ الحمل على ما يطلق عليه اسمها، قال مالك وأحمد بن حنبل: لا بد من أن يدفع إلى كل واحد منهم من الكسوة ما يصح أن يصلي فيه إن كان رجلاً أو امرأة كل بحسبه، وقال ابن عباس: عباءة لكل مسكين أو شملة.
وقال مجاهد: أدناه ثوب وأعلاه ما شئت.
وهذه الأشياء تتفاوت بحسب البيئات والمجتمعات، فكل ما يطلق عليه لفظ الكسوة ينطلق عليه هذا الأمر، لكن على أي الأحوال فإنه لا يخفى أن وجه الاحتياط في هذا هو الأخذ بالأكمل والأفضل في الإطعام والكسوة.
وأنبه هنا على أمر يستسهله أغلب الناس في هذا الزمان، وهو موضوع الكسل في أداء العبادات، ففي هذه الكفارة نجد بعض الناس أول ما يفزع إلى إخراج القيمة، وهذا لا يجوز، فالقيمة لا تجزئ، والأصل والذي اتفق عليه العلماء أجمعون أن الإطعام يجزئ، أما القيمة فهي خلاف ما أمر الله به في القرآن حيث قال تعالى:((فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ)، فحينما تقول: القيمة تجزئ فمعناه أنك تزيد لفظاً على القرآن فتقول: (فكفارته قيمة إطعام عشرة مساكين)، والآية تقول:((فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) فالأصل أن الإنسان يخرج طعاماً للمساكين، وله أن يوكل غيره في إخراجه طعاماً لا مالاً، فلزم التنبيه.