للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الوجه الرابع عشر: من كرم الضيافة عدم إظهار الريبة والخوف عند عدم أكل الضيوف]

الخامس عشر: أنهم لما امتنعوا من الأكل لطعامه خاف منهم ولم يظهر لهم، أي أنه لم يصرح بذلك وإنما سألهم هذا

السؤال

(( أَلا تَأْكُلُونَ)) كأنه يستكشف سر رفضهم الطعام؛ لأن العادة أن من أكل طعامك فإنك تستريح إليه وتطمئن إليه وتأمن من شره، أما إذا لم يأكل الطعام فقد تشك وتظن أنه أتى يريد أن يفعل بك شراً، فإبراهيم لما خاف منهم لم يظهر لهم ذلك.

قوله: فلما علمت الملائكة منه ذلك قالوا: ((لا تخف وبشروه بالغلام)).

فقد جمعت هذه الآية آداب الضيافة التي هي أشرف الآداب، وما عداها فهي من التكلفات التي هي تخلف وتكلف.

أي: تخلف عن أخلاق الإسلام وآداب الإسلام وأخلاق إبراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، فانظروا إلى آداب الضيافة، لا كهذه الأفعال المتكلفة التي يلتقطها بعض الناس من آداب الكفار مما يسمونه: آداب (الإتكيت) وهذه الأشياء كلها تكلف وسخافة، كأن يضع الشوكة في اليد اليسار والسكين في اليمين وغير ذلك من الأفعال التي ما أنزل الله بها من سلطان، والتي إذا قارنها بأخلاق الإسلام وآداب الإسلام، فإنك لا تجد وجه مقارنة على الإطلاق.

ثم يقول: فقد جمعت هذه الآية آداب الضيافة التي هي أشرف الآداب، وما عداها من التكلفات التي هي تخلف وتكلف إنما هي من أوضاع الناس وعوائدهم، وكفى بهذه الآداب شرفاً وفخراً، فصلى الله على نبينا وعلى إبراهيم وعلى آلهما وعلى سائر النبيين.