[تفسير قوله تعالى:(رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو)]
يقول الله تعالى:{رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا}[المزمل:٩].
أي: لا إله إلا هو تكل إليه مهامك فإنه سيكفيكها.
قال ابن جرير:((فاتخذه وكيلاً)) أي: فيما يأمرك وفوض إليه أسبابك.
((رب المشرق والمغرب)) وهذا ليس إلا لله سبحانه وتعالى.
((لا إله إلا هو)) أي: لا إله حق إلا الله سبحانه وتعالى.
((فاتخذه وكيلاً)) أي: بما أنه هو رب المشرق والمغرب وبما أنه لا إله إلا هو، فلا رب غيره، ولا إله معبود بحق سواه؛ فاتخذه وكيلاً بحيث لا تكل أمورك إلى غيره، وتوكل على الله وحده.
فهذا مما يبين أن التوكل عبادة لا تنبغي أن توجه إلى غير الله سبحانه وتعالى، فلا يجوز أن تتوكل إلا على الله سبحانه وتعالى؛ لأن التوكل عبادة كالسجود والركوع لا ينبغي أن يوجه إلا إلى الله وإلا كان شركاً.
وهذا هو معنى: حسبي الله ونعم الوكيل، ومعنى: توكلت على الله، ولذلك فإن تفسير قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}[الأنفال:٦٤]: حسبك الله وحسب من اتبعك من المؤمنين، وليس معناها: حسبك الله والمؤمنون هم أيضاً حسبك فتوكل عليهم! لأن التوكل عبادة لا تنصرف إلا لله، فلا يصح أن يقول رجل لآخر: توكلت على الله وعليك؛ أو: ثم عليك؛ لأنها مثل قولك: سجدت لله ثم لك! فهل هذا يقبل؟ فكذلك لا ينفعك أن تقول: توكلت على الله ثم عليك؛ لأن التوكل لا يكون إلا على الله وحده فقط، بخلاف الأمور الأخرى، فيمكن أن تستعمل لفظة (ثم) على التراخي.