للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (يطوف عليهم ولدان مخلدون مما يشتهون)]

قال تعالى: {يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * {بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ * وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} [الواقعة:١٧ - ٢٠].

((يَطُوفُ عَلَيْهِمْ)) يعني: للخدمة.

((وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ)) أي: مبقون على سن واحدة لا يموتون؛ لأن هؤلاء الولدان في الجنة سيبقون ولداناً إلى الأبد، بمعنى أنهم لا يزيدون في العمر ولا يشيبون ولا يهرمون بمرور الزمن.

وهذه الآية كما قال تعالى: {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور:٢٤].

((بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ)) يعني: حال الشرب يطوفون عليهم بأكواب وأباريق، والكوب هو إناء لا عروة له ولا خرطوم، وأما الإبريق فهو إناء له عروة وله خرطوم.

((وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ)) أي: خمر جارية.

ثم أشار إلى أنها لذة كلها لا ألم معها ولا خمار؛ لأنها ليست كخمر الدنيا النجسة الخبيثة التي تذهب العقول، وإنما هي لذة؛ فقال: ((لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا)) يعني: لا يصدر عنها صداعهم لأجل الخمار كخمور الدنيا، والصداع هو وجع الرأس، وقرئ بالتشديد من التفعل: ((لا يصَّدَّعون)) أي: لا يتصدعون عنها، أي: لا يتفرقون عنها، من التصدع وهو التفرق.

((وَلا يُنزِفُونَ)) تقرأ بكسر الزاي وفتحها ((وَلا يُنزِفُونَ)) أي: لا تذهب عقولهم بسكرها.

{وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ} أي: مما يختارون ويرتضون، وأصله أخذ الخيار والخير.

{وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ}، أي: مما يتمنون.