للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل الآيتين من آخر سورة البقرة]

روى البخاري والجماعة عن أبي مسعود رضي الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه) قيل: كفتاه من كل سوء، وقيل: كفتاه عن قيام الليل، يعني: أنه يؤجر كأنه قام هذه الليلة كلها، فهذه من الأذكار الليلية، وتقال في أي وقت من الليل، ويفضل أن الإنسان إذا خشي أنه لا يأتي بهما أن يأتي بهما في أول الليل حتى لا يفوته هذا الثواب العظيم.

وروى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطيت خواتيم سورة البقرة من بيت كنز من تحت العرش لم يعطهن أحد قبلي).

وأخرج مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (لما أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهي به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يهبط من فوقها فيقبض منها قال: ((إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى)) [النجم:١٦] قال: فراش من ذهب، قال: فأعطي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً: أعطي الصلوات الخمس، وأعطي خواتيم سورة البقرة، وغفر لمن لم يشرك بالله من أمته شيئاً إلا المقحمات) يعني: الكبائر.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما -وهذا في مسلم - قال: (بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضاً من فوقه فرفع رأسه فقال: هذا باب من السماء فتح اليوم لم يفتح قط إلا اليوم، فنزل منه ملك فقال: هذا ملك نزل إلى الأرض لم ينزل قط إلا اليوم، فسلم وقال: أبشر بنورين أوتيتهما لما يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لم تقرأ حرفاً منهما إلا أعطيته) فلا يسمع بمثل هذا الثواب ويزهد فيه إلا إنسان خاسر!! وأخرج الترمذي والنسائي والدارمي والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان).

فهذه الرحلة الطويلة التي يقطعها الإنسان إذا قرأ سورة البقرة؛ كأن الله سبحانه وتعالى جعل نهاية هذه السورة العظيمة المباركة هدية للمؤمنين ومكافئة للمؤمنين إذا ختموا هذه السورة الكريمة؛ فلذلك كان الحسن البصري رحمه الله تعالى -كما أخرج عبد بن حميد في مسنده- إذا قرأ آخر البقرة يقطعها ويقول: يا لك نعمة! يا لك نعمة! إذاً: أنعم الله سبحانه وتعالى علينا بهذه السورة العظيمة، وبالذات خواتيمها، ولها من الفضل ما ذكرناه.