للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[علاقة الآية بما قبلها]

فإن قلت: كيف وقعت هذه الآية في تضعيف ذكر المنافقين ومكايدهم؟ يعني: سياق الآيات السابقة كله في المنافقين: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي} [التوبة:٤٩]، {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ} [التوبة:٥٨]، إلى آخره، فكيف وقعت هذه الآية: (إنما الصدقات) في سياق تضعيف ذكر المنافقين ومكايدهم؟ ف

الجواب

أنه دل لكون مصارف الصدقات خاصة بغيرهم، وأنهم ليسوا منهم، فذكر هذا في سياق بيان مكائد المنافقين وأحوالهم، فما قبلها: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا} [التوبة:٥٨ - ٥٩]، ثم قال تعالى: (إنما الصدقات) أي: إن الذين يستحقون الصدقات ليسوا هؤلاء المنافقين الذين يلمزون، وإنما الذي يستحقها هم هؤلاء الأصناف الذين ذكرهم الله تبارك وتعالى.

وإذا كان اللمز موجهاً إلى قسم النبي صلى الله عليه وسلم للصدقات، إلا أنه لا ينبغي أن يوجه إلى النبي عليه الصلاة والسلام فإنه بريء من ذلك؛ لأن الله هو الذي تولى بنفسه هذا القسم، والرسول إنما هو قاسم والله هو المعطي، كما جاء في الحديث، فعلام اللمز، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يأخذ منها شيئاً لنفسه؟! فدلت هذه الآية على أنهم ليسوا من المستحقين حسماً لأطماعهم، وإشعاراً لحرمانهم منها، وأنهم بعداء عنها وعن مصارفها، فما لهم وما لها؟ وما سلطهم على التكلم فيها ولمز قاسمها صلوات الله عليه وسلامه؟