ثم برهن تعالى على ابتغائهم الفتنة في كل مرة، أي: أن هذا مجرب، وهو ديدنهم ودأبهم فيما مضى، قال الله تعالى:{لَقَدِ ابْتَغَوُا الْفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ}[التوبة:٤٨] أي: طلبوا الشر بتشتيت شملك وتفريق صحبك عنك من قبل غزوة تبوك، كما فعل عبد الله بن أبي بن سلول حين انصرف بثلث الجيش يوم أحد عن المسلمين.
(وقلبوا لك الأمور) يعني: دبروا لك الحيل والمكائد، ودوروا الآراء في إبطال أمرك.
قال الشهاب: المراد من الأمور المكايد، فتقليبها مجاز عن تدبيرها، أو تقليبها: تفتيشها وإزالتها، (وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق) وهو تأييدك ونصرك وظفرك.
(وظهر أمر الله) أي: علا دينه.
(وهم كارهون) أي: على رغم منهم.
قال ابن كثير: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة رمته العرب عن قوس واحدة، وحاربته يهود المدينة ومنافقوها، فلما نصره الله يوم بدر وأعلى كلمته قال ابن أبي وأصحابه: هذا أمر قد توجه، يعني: هذا أمر قد أقبل، فدخلوا في الإسلام ظاهراً ثم لما أعز الله الإسلام وأهله غاظهم ذلك وساءهم.