تفسير قوله تعالى:(إذ يريكهم الله في منامك قليلاً ولو أراكهم كثيراً لفشلتم)
ثم قال الله تعالى:{إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنَامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَرَاكَهُمْ كَثِيرًا لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَلَكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ}[الأنفال:٤٣].
((إذ يريكهم الله في منامك قليلاً)) (إذ) منصوب باذكر، أي: اذكر إذ، أو بدل آخر من يوم الفرقان في قوله:((وَمَا أَنزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ)) [الأنفال:٤١].
وقوله:((إذ يريكهم الله في منامك قليلاً)) وذلك أن الله عز وجل أراه إياهم في رؤياه قليلاً، فأخبر بذلك أصحابه، فكان تثبيتاً لهم وتشجيعاً على عدوهم.
وقوله:((ولو أراكهم كثيراً لفشلتم)) يعني: أن الحكمة من أن الله سبحانه وتعالى أرى نبيه صلى الله عليه وسلم المشركين في منامه قليلاً هي أن يجترئ عليهم المسلمون ويتشجعوا على قتالهم.
قال تعالى مبيناً أن هذه هي الحكمة المقصودة من هذه الرؤيا:((ولو)) كان الله سبحانه وتعالى ((أراكهم كثيراً لفشلتم)) يعني: لجبنتم ولهبتم الإقدام، ((ولتنازعتم في الأمر)) أي: أمر الإقدام والإحجام، وبالتالي سيقول فريق: نقدم، ويقول فريق: نحجم، وبالتالي تتنازعون.
وقوله:((ولكن الله سلم)) أي: عصم وأنعم بالسلامة من الفشل والتنازع بتأييده وعصمته.
وقوله:((إنه عليم بذات الصدور)) أي: يعلم ما سيكون فيها من الجرأة والجبن والصبر والجزع؛ ولذلك دبر ما دبر.