[تفسير قوله تعالى:(إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه)]
يقول الله تبارك وتعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا}[النساء:٣١].
((إِنْ تَجْتَنِبُوا)) أي: إن تتركوا.
((كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ)) أي: كبائر الذنوب التي نهاكم الشرع عنها، سواء ما ذكر قبل هذه الآية أو مما ذكر في غيرها من الآيات والأحاديث.
((نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)) أي: نمح عنكم صغائر ذنوبكم، وندخلكم الجنة؛ ولذلك قال:((وَنُدْخِلْكُمْ)) أي: في الآخرة.
((مُدْخَلًا كَرِيمًا)) أي: حسناً وهي الجنة.
و ((مدخلاً)) إما أنها اسم مكان، يعني: ندخلكم مكاناً مدخلاً، وإما أنها مصدر من أدخل يعني: إدخالاً مع كرامةٍ.
وفي الآية دليل على أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر، وفيها أيضاً رد على من زعم أن المعاصي كلها كبائر، وأنه لا صغيرة، بل الواضح من الآية أن الذنوب تنقسم إلى صغائر وإلى كبائر.
كما قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: دل القرآن والسنة وإجماع الصحابة والتابعين بعدهم على أن من الذنوب كبائر وصغائر، قال الله تعالى:((إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ))، وقال أيضاً:{الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ}[النجم:٣٢]، وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال:(الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، يعني: مكفرات الصغائر إذا اجتنبت الكبائر.