[حقيقة الكلالة ومن يرثه ومقدار إرث كل واحد منهم]
ثم قال تعالى: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ}، يعني: إن كان الرجل يورث كلالة أو امرأة تورث كلالة كذلك.
{وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا}، أي: هؤلاء الإخوة والأخوات من أم {أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ}، يعني: أكثر من واحد {فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ}، شركاء في الثلث يستوي فيه ذكرهم وأنثاهم، وقلنا: إن هذه حالة من الحالات التي يستوي فيها الذكر مع الأنثى.
والكلالة: من لا ولد له ولا والد، أي: لا أصل له ولا فرع، الأصل كالأب، والفرع كالأبناء، أو من تكلل نسبه بنسبك كابن العم وشبهه.
والكلالة في الأصل مصدر، كل الميت يكل كلاً وكلالة، يعني: فهو كلّ إذا لم يخلف ولداً ولا والداً يرثانه، وأصل كلمة كلالة أنها مصدر، ثم قد تقع الكلالة على العين دون الحدث فتكون اسماً للميت الموروث، وإن كانت في الأصل اسماً للحدث على حد قولهم: {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ} [لقمان:١١]، وما المقصود من: (هذا خلق الله)؟ أي: هذا مخلوق الله، وجاز أن تكون اسماً للوارث على حد قولهم: رجل عدل، أي: عادل، ورجل كلالة يعني: يرث كلالة، وماء غور أي: غائر.
فالكلالة هو: الذي لم يخلف ولداً ولا والداً.
((وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً))، ذكر الله سبحانه وتعالى الكلالة في موضعين في سورة النساء: أولهما هذه الآية: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ}، والموضع الثاني: في آخر سورة النساء في قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء:١٧٦] إلى آخر الآية، فجعل الكلالة هنا الأخت للأب والأم، والأخ للأب والأم.
وعن الشعبي قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: (إني قد رأيت في الكلالة رأياً، فإن كان صواباً فمن الله وحده لا شريك له، وإن يك خطأ فمني ومن الشيطان والله بريء منه: أن الكلالة ما خلا الولد والوالد).
واتفق العلماء على أن المراد من قوله تعالى: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ}، أن المقصود به الأخ والأخت من الأم، وهذا باتفاق العلماء، (وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ) من الأم.
((أَوْ أُخْتٌ))، من الأم.
قال القرطبي: أجمع العلماء على أن الإخوة هاهنا هم الإخوة لأم.
قال: ولا خلاف بين أهل العلم أن الإخوة للأب والأم أو للأب ليس ميراثهم هكذا؛ لأن هذا المذكور في الآية باتفاق العلماء يخالف ميراث المذكورين هنا.
يعني: أن الأخ لأم أو الأخت لأم يخالف نصيبهما نصيب الإخوة للأبوين أو الإخوة لأب.
فدل إجماعهم على أن الإخوة المذكورين في قوله تعالى: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١٧٦]، هم الإخوة لأبوين أو لأب.