سورة الجاثية تسمى سورة الشريعة؛ لقوله تعالى فيها:{ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ}[الجاثية:١٨].
أما تسميتها بالجاثية؛ فلتضمن آياتها بيان أن سبب تأخير البعث إلى يوم القيامة اجتماع الأمم للمحاكمة أمام الله سبحانه وتعالى، وفصله بينهم يوم القيامة، وقد وصف الله سبحانه وتعالى الأمم أنها تكون جاثية حينئذ فقال:{وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا}[الجاثية:٢٨]، وهذه من المطالب الشريفة في القرآن الكريم.
وتسمى سورة الشريعة؛ لتضمن آياتها وجه نسخ هذه الشريعة سائر الشرائع، {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ}[الجاثية:١٨]، فسميت الشريعة أيضاً؛ لأن نفس هذه الآية التي ذكر فيها لفظ الشريعة تثبت أن هذه الشريعة ناسخة لما قبلها من الشرائع؛ لفضلها وتقدمها عليها، وهذه أيضاً من المطالب العزيزة في القرآن الكريم.
وهذه السورة مكية، واستثنى بعضهم منها آية:{قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ}[الجاثية:١٤]، فقد قيل: إنها مدنية نزلت في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما سيأتي.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي: إن هذا الأثر لا يصح.
أي: لا يصح أن الآية نزلت في هذا الشأن كما سنبين إن شاء الله تعالى.