[حكم من أتى الفاحشة من الرجال أول الإسلام قبل الجلد والرجم]
(واللذان) بتخفيف النون وتشديدها (واللذانِّ).
(يأتيانها) أي: الفاحشة.
(منكم) أي من الرجال.
(فآذوهما) بالسب والتعيير؛ ليندما على ما فعلا.
(فإن تابا وأصلحا) أي: أصلحا أعمالهما.
(فأعرضوا عنهما) بقطع الأذية والتوبيخ لهما، فإن التوبة والصلاح مما يمنع استحقاق الذم والعقاب.
(إن الله كان تواباً) يعني: على من تاب.
(رحيماً) أي: واسع الرحمة، وهو تعيين للأمر بالإعراض.
وكما هو معلوم أن هذا الحكم في الآيتين بعضه منسوخ بالكتاب وبعضه منسوخ بالسنة.
يقول الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: ثم نسخ الله الحبس والأذى في كتابه فقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور:٢]، فدلت السنة على أن جلد المائة للزانيين البكرين؛ لحديث عبادة بن الصامت.
ثم قال: فدلت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جلد المائة ثابت على البكرين الحرين، ومنسوخ عن الثيبين، وأن الرجم ثابت على الثيبين الحرين.
ثم قال: لأن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)، أول ما نزل فنسخ به الحبس والأذى عن الزانيين، فلما رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعزاً ولم يجلده، وأمر أنيساً أن يغدو إلى امرأة الأسلمي فإن اعترفت رجمها، دل على نسخ الجلد عن الزانيين الحرين الثيبين، وثبت الرجم عليهما.
خلاصة الكلام: أن جلد مائة ثابت على البكرين الحرين، ومنسوخ عن الثيبين، والرجم ثابت على الثيبين الحرين.