[تفسير قوله تعالى:(لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم)]
قال الله تعالى:{لا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}[التوبة:١١٠](لا يزال بنيانهم) يعني: مسجد الضرار، (الذي بنوا ريبة في قلوبهم) يعني: لا يزول وشمه عن قلوبهم ولا يضمحل أثره، هذا قول.
وهناك قول آخر في معنى:(ريبة في قلوبهم) أي: حسرة وندامة، فهم نادمون على بنائه؛ لأنه تهدم وفضحوا.
وقول ثالث:(ريبة في قلوبهم) يعني: لا يزال هدم بنيانهم حزازة وغيظاً في قلوبهم، فما يزال يشعل الغيظ والحقد والحزازة في قلوبهم.
(إلا أن تقطع قلوبهم) يعني: تقطع قلوبهم قطعاً وتتفرق أجزاءً حتى يموتوا، كما في قوله:{لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}[الحاقة:٤٦]، والقصد: أنه ستبقى فيهم الحزازة والندم والحسرة والريبة والشك إلى أن تقطع قلوبهم قطعاً، وأما ما دامت قلوبهم سالمة مجتمعة فالريبة باقية فيهم متمكنة أو تقطع قلوبهم بعذاب النار، وقيل: معناه: إلا أن يتوبوا توبة تتقطع بها قلوبهم ندماً وأسفاً على تفريطهم.
قوله:(وَاللَّهُ عَلِيمٌ) أي: بنياتهم.
قوله:(حَكِيمٌ) أي: عندما أمر بهدم بنيانهم؛ حفظاً للمسلمين عن مقاصدهم الرديئة.
وفي قراءة يعقوب:(لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلى أن تقطع قلوبهم) فجعله حرف جر على الغاية، والمعنى: لا يزالون في شك منه إلى أن يموتوا فيستيقنوا ويتبينوا.