[تفسير قوله تعالى:(ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله فإنى يؤفكون)]
قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ}[الزخرف:٨٧].
أي: ليقولن الله هو الذي خلقنا؛ لتعذر المكابرة من فرط ظهوره، وهذا أحد الأدلة الكثيرة التي تثبت أن المشركين كانوا يقولون: لا رب إلا الله، والنصارى يقولون: لا رب إلا الله، وهكذا جميع طوائف المشركين، حتى اليهود يقولون: لا رب إلا الله.
وأبو جهل وأبو لهب كانا يقولان: لا رب إلا الله، وتوحيد الربوبية هو توحيد الله بأفعاله التي تأتي من آثار ربوبيته، كالخلق والإحياء والإماتة والرزق، ونحو ذلك، فكل ما يأتي من الله إلى العباد فهو من أفعال الربوبية، فهم جميعاً كانوا يقرون أنه لا رب إلا الله، ولا خالق إلا الله، ولا رازق إلا الله، ولا محيي إلا الله، ولا مميت إلا الله وهكذا.
فتوحيد الله في أفعاله عقيدة مشتركة بين كافة الأمم الكافرة، ولم يقص الله في القرآن عن أمة واحدة أنها أنكرت وجود الله، نعم منهم من أنكر البعث والنشور، كالدهريين الذين قالوا:{مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ}[الجاثية:٢٤]، لكنهم لم ينكروا وجود الله.
لكن بيت القصيد هو لا إله إلا الله، هذه هي القضية، فكلمة النجاة ليست: لا رب إلا الله؛ لما نرى هنا في هذه الآية:((وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ)) من ربهم الذي خلقهم؟ ((لَيَقُولُنَّ اللَّهُ))، فهم يقرون بذلك.
((فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ))، أي: يصرفون عن عبادته إلى عبادة غيره.