للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وأصحاب الشمال ولا كريم)]

قال الله تبارك وتعالى: {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} [الواقعة:٤١ - ٤٤].

قوله: ((في سموم)) أي: حر نار ينفذ في المسام.

((وَحَمِيمٍ)) هو الماء المتناهي الحرارة.

{وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ} أي: من دخان أسود طبق أهويتهم المردية وعقائدهم الفاسدة، فهذا الدخان الأسود يكون موافقاً لطباعهم السوداء، وعقائدهم الفاسدة، وهيئات نفوسهم المسودة بالصفات والهيئات السود الرديئة.

{لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} أي: ليس له صفة الظل الذي يأوي إليه الناس للراحة، فالناس تأوي إلى الظل لالتماس الراحة، للتفريج على أنفسهم من شدة الحر، فالظل الذي يرغب فيه يكون بارداً ويكون كريماً، أما هذا فهو ظل من يحموم من دخان أسود.

يقول العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى: قد قدمنا صفات ظل أهل النار وظل أهل الجنة في سورة النساء في الكلام على قوله تعالى: {وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا} [النساء:٥٧] وبينا هناك أن صفات ظل أهل النار هي المذكورة هنا في هذه الآية: {وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لا بَارِدٍ وَلا كَرِيمٍ} وقال في المرسلات: {انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} [المرسلات:٣٠ - ٣١].

وقوله: ((مِنْ يَحْمُومٍ)) أي: من دخان أسود شديد السواد، ووزن (يحموم) (يفعول) وأصله من الحمم أو الحمم وهي الفحم، وقيل: من الحم، وهو الفحم المسود لاحتراقه بالنار.