بعدما قال تبارك وتعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا}[الكهف:٥٧]، أشار عز وجل إلى نبأ موسى مع الخضر عليهما السلام، ذلك النبأ الذي تضمن من الفوائد والحكم وأعلام النبوة ما لا يخفى على متبصر كما ستقف على شذرات من ذلك، وسنلاحظ كيف أن الإنسان إذا فقه معنى الآيات، والتفت إلى النصائح والنكت البلاغية الموجودة في عبارات القرآن الكريم، فهذا مما يعينه على الحفظ، كما سنضرب أمثلة لذلك.
قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}[الكهف:٦٠].
أي: اذكر وقت قول موسى لفتاه: ((لا أبرح))، أي: لا أزال أسير، ((حتى أبلغ مجمع البحرين))، أي: المكان الذي فيه ملتقى البحرين فألقى فيه الخضر، أو: أسير زماناً طويلاً إن لم أجده ثمة فأتيقن فوات المطلوب، (حتى أبلغ مجمع البحرين)، لماذا؟ لأن هذا هو المكان الذي وعده الله سبحانه وتعالى أن يلتقي فيه بالخضر، ويناسب هنا أن نذكر سبب هذه القصة؛ لأنه يعيننا على فهمها.