للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (شهد الله أنه لا إله إلا هو)]

قال تبارك وتعالى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨].

((شهد الله)) أي: علم وأخبر، أو: قال أو بين (أنه لا إله إلا هو) معبود حقيقي.

((والملائكة)) وشهد بذلك الملائكة.

((وأولوا العلم)) وفي مقدمتهم الأنبياء عليهم السلام فإنهم أشرف أولو العلم.

(وأولوا العلم) وهذه مرتبة جليلة للعلماء، إذ لو كان هناك أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته كما قرن اسم العلماء، ((شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ))، والعلم هنا المقصود به العلم بالدين وبالعلوم الشرعية كعلم التوحيد وغيره.

هناك حديث يقول فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ويقل العلم ويظهر الجهل)، كما هو الحال في هذا الزمان.

فإذا نظرنا في أحوال الناس نجد أن العلم بالدنيا يزيد، والعلم بالدين يقل، فدلت الآية على أنه إنما أراد بالعلم علوم الآخرة وليست علوم الدنيا.

((قائماً بالقسط)) أي: بالعدل في أحكامه تبارك وتعالى.

((لا إله إلا هو)) كرره تأكيداً.

وليبني عليه قوله: ((العزيز)) فلا يضام جنابه عظمة.

((الحكيم)) فلا يصدر شيء عنه إلا على وفق الاستقامة.

هذا التكرار معروف عند العرب؛ فإذا طال عهدك بالكلام تعيد ما ذكرته حتى تصل الأول بالآخر؛ لأن الكلام هنا طال: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [آل عمران:١٨] حتى يصلها بالعزيز الحكيم.

هنا يقول السيوطي: (شهد الله) أي: بيّن لخلقه بالدلائل والآيات.

((أنه لا إله)) أي: لا معبود في الوجود بحق.

((إلا هو)) شهد بذلك ((والملائكة)) بالإقرار.

((وأولوا العلم)) من الأنبياء والمؤمنين بالاعتقاد واللفظ.

((قائماً)) بتدبير مصنوعاته، ونصبه على الحال، والعامل فيها معنى الجملة أي: تفرد بذلك.

((بالقسط)) يعني: بالعدل.

((لا إله إلا هو)) كرره تأكيداً.

((العزيز)) في ملكه ((الحكيم)) في صنعه.