قوله تعالى:(وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً) يعني: بما ذكرنا، وإن عفي عنه، صحيح هو غير متعمد ولا يعامل معاملة القاتل المتعمد للقتل، لكن هو مع ذلك لا يخلو من تقصير في حق الله تبارك وتعالى، وهذا الخطأ لا يهدر دم المؤمن بالكلية، بل لابد أن يتحمل دم أخيه المؤمن الذي قتل خطأ.
ولذلك يقول تعالى:(ومن قتل مؤمناً خطأً) إذا قدر وقوع ذلك.
(فتحرير رقبة مؤمنة) يعني: فالواجب عليه لحق الله اعتاق نفس محكوم عليها بالإيمان ولو صغيرة؛ ليعتق الله عنه بكل جزء منها جزءاً منه من النار.
فهذا فيما يتعلق بحق الله تبارك وتعالى.
روى الإمام أحمد بسنده:(عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء فقال: يا رسول الله إن عليّ عتق رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقتها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشهدين أن لا إله إلا الله؟ قالت: نعم.
قال: أتشهدين أني رسول الله؟ قالت: نعم قال: أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت: نعم، قال: أعتقها) وهذا إسناد صحيح.
وفي موطأ مالك، ومسند الشافعي وأحمد، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود والنسائي، عن معاوية بن الحكم:(أنه لما جاء بتلك الجارية السوداء قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أين الله؟ قالت: في السماء -يعني: فوق السماء- قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أعتقها فإنها مؤمنة).