نبه تعالى للاستدلال على توحيده في ربوبيته بآثار صنعه في النيرين، وهما الشمس والقمر، والاستدلال بما مر من إبداع السماوات والأرض، فقال عز وجل:((هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً)) [يونس:٥](ضياءً) أي: للعاملين بالنهار.
((وَالْقَمَرَ نُورًا)) أي: بالليل، والضياء أقوى من النور.
((وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ)) إما أن الضمير هنا يعود على الشمس والقمر بتأويل كل واحد منهما، أي: قدر الشمس منازل وقدر القمر منازل، أو أن الضمير يعود فقط على أقرب مذكور وهو القمر.
وخص القمر دون الشمس بأنه قدر منازل، كما قال تبارك وتعالى في الآية الأخرى:{وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ}[يس:٣٩] لكون منازله معلومةً محسوسة، وتعلق أحكام الشريعة به، وكونه عمدةً في تواريخ العرب.
((لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ)) أي: حساب الشهور والأيام مما نيط به المصالح في المعاملات والتصرفات.
((يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)) أي: يبين الآيات التكوينية أو التنزيلية؛ لأن الآيات إما تكوينية مبثوثة في السماوات والأرض، وإما آيات تنزيلية مما يأتي في الوحي الشريف.
فهو يبين الآيات التكوينية أو التنزيلية المنبهة على ذلك.
((لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)) الحكمة في إبداع الكائنات، فيستدلون بذلك على وحدانية مبدعها.
قال السيوطي: هذه الآية أصل في علم المواقيت والحساب، ومنازل القمر والتاريخ.