للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (فذكر إنما أنت مذكر ثم إن علينا حسابهم)]

قال تعالى: ((فَذَكِّرْ)) ذكّر من أُرسِلْت إليه بآياته تعالى التي تسوق إلى الإيمان بخالقها على الفطرة.

{إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية:٢١] أي: مُبلِّغ ما نُسي من شرعه تعالى.

{لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ} [الغاشية:٢٢] أي: بمتسلط تقهرهم على الإيمان.

وقرئ بالسين على الأصل (بمسيطر).

{إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ} [الغاشية:٢٣ - ٢٤]، وهو عذاب جهنم والعياذ بالله، والاستثناء في قوله: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ} منقطع، يعني: لكن من تولى وكفر فإن لله الولاية عليه والقهر له فهو يعذبه العذاب الأكبر على جحده الحق، فليس هنا استثناء في قوله: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ}، إذ ليس معناه أن الرسول يسيطر على من تولى وكفر! لكن المقصود: {لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ}، لكن {مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ} [الغاشية:٢٣ - ٢٤]، على جحده الحق.

{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} [الغاشية:٢٥] أي: رجوعهم ومعادهم بالموت والبعث، والجملة تعليل لتعذيبه تعالى بالعذاب الأكبر.

{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ} [الغاشية:٢٥ - ٢٦] نلاحظ هنا أن الضمير جمع، أما في قوله: {إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ * فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ} [الغاشية:٢٣ - ٢٤] فإن الضمير مفرد، والإفراد هنا في قوله: (فيعذبه) باعتبار اللفظ، أما الجمع في قوله: {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ} فهو باعتبار معنى (من).

إذاًَ: جمع الضمير فيه وفيما بعده باعتبار معنى (من) كما أن إفراده فيما سبق باعتبار لفظها.

وقوله: {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}، أي: سنجازيهم بالعذاب الأكبر، فإن القهر والغلبة لله تبارك وتعالى وحده.