[تفسير قوله تعالى: (والمحصنات من النساء)]
قال تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء:٢٤].
قال الله تبارك وتعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ} [النساء:٢٣] إلى آخر الآية، ثم أضاف تبارك وتعالى إلى هؤلاء اللائي حرمن ممن ذكر، قوله تعالى: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ)) يعني: وحرمت عليكم أيضاً المحصنات من النساء.
والمحصنات تأتي بعدة معانٍ في القرآن الكريم، فتأتي بمعنى المتزوجات، كما في هذه الآية، وتأتي بمعنى العفائف، وتأتي بمعنى الحرائر.
ومعلوم أن الأصل في الفروج هو التحريم، وليس الإباحة، ولذلك نعجب كثيراً حينما نلاحظ بعض الإخوة يتساءل مثلاً يقول: هل أخو الزوج يعتبر أجنبياً على زوجة أخيه؟ نعم، يعتبر أخو الزوج أجنبياً على زوجة أخيه.
كذلك يحرم عليه أن يجمع بين الأختين، والمرأة وعمتها، والمرأة وخالتها.
والعبرة في الحكم على امرأة بالمحرمية، هو أن تحرم عليه على التأبيد، أما التحريم المؤقت فكل النساء حرام على الرجل إلا زوجته وما ملكت يمينه، كما سيأتي.
فالأصل في الفروج التحريم، فالمرأة التي تمشي في الشارع هذه محرمة، وزوجة الجار محرمة، وهكذا.
يقول تعالى هنا: ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ))، يعني: حرمت عليكم أيضاً المحصنات، وهي في غير هذا الموضع تقرأ: المحصِنات أو المحصَنات، أما في هذا الموضع فباتفاق القراء لا تقرأ إلا بالفتح، ((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ))، يعني: ذوات الأزواج أو المزوجات، حرائر كن أو إماء، مسلمات أو غير مسلمات.
الحكمة من هذا التحريم هو حفظ الأنساب، فإذا لم تراع هذه الحدود فإنه ستختلط الأنساب وتضيع.
((وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ))، يعني: ذوات الأزواج من النساء، وقد حرم عليكم أن تنكحوهن قبل مفارقة أزواجهن، يعني: ما دامت هي في عصمة رجل آخر، فكي لا يختلط النسب يحرم عليكم أن تتزوجوهن إلا بعد أن يتوفى زوجها أو بعد أن يفارقها بالطلاق.