ورد في الآيات السابقة ذكر الفريقين: المؤمنين والكفار، وصفة كل فريق، ومآل كل فريق، ثم قال تبارك وتعالى:((مثل الفريقين)) أي: الكفار والمؤمنين.
((كالأعمى والأصم)) هذا مثل للكافر.
((والبصير والسميع)) وهذا مثل للمؤمن.
((هل يستويان مثلاً)) أي: هل يستوي الأعمى والأصم مع البصير السميع حالاً وصفة.
((أفلا تذكرون)) يعني: بضرب الأمثال وبتدبر هذه الأمثال.
لقد قص تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم من أنباء الرسل السابقين ما يثبت به فؤاده، فالآيات الكريمات التي ستأتي في سورة هود، هي تثبيت من الله سبحانه وتعالى لقلب نبيه صلى الله عليه وسلم؛ وذلك بذكر قصص الأنبياء السابقين وأحوالهم مع أممهم، وأن معاناة الرسل من أممهم مثل ما يعانيه عليه الصلاة والسلام، والإخبار بسنته سبحانه وتعالى فيمن مضى من الأمم.
إذاً هذا يدل على أن قصص الأنبياء وقصص الصالحين جند من جنود الله، ومن ثمرتها أنها تثبت قلوب المؤمنين، فمن أراد تثبيت الإيمان في قلبه، فليعمل عقله، وليتدبر في آيات الله سبحانه وتعالى، في هذه القصص الحقيقية الواقعية، وخاصة أن الله سبحانه وتعالى وصفها بأنها أحسن القصص:{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ}[يوسف:٣]، وذلك كي يتسلى عليه الصلاة والسلام بما يشاهده من معاناة الرسل قبله من أممهم، كما قال تعالى:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ}[فاطر:٢٤].