((وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ))، والمهد: هو الموضع الذي يهيأ ويوطأ للصبي لينام فيه، وهو يكلم الناس حال كونه طفلاً، ويكلمهم حال كونه كهلاً.
فهو عليه السلام مجرد أن ولد تكلم كلاماً حكيماً ذا معاني سامية ورفيعة؛ لأن كلام الأنبياء أكمل وأعظم وأفصح الكلام، قال لهم وهو في المهد:{قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ}[مريم:٣٠]، بدأ بالإعلان عن العبودية {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا * وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ}[مريم:٣٠ - ٣١]، إلى آخر الآيات.
كلام الأنبياء من غير تفاوت بين الحالتين لا شك أنه في غاية الإعجاز، وفي ذلك أيضاً بشارة ببقائه وامتداد أجله وأنه لن يموت صغيراً، بل يبقى إلى أن يشاء الله.
أما الكهل: فهو من بدأ الشيب يخالط شعره، أو من جاوز الثلاثين إلى الأربعين أو من الأربعين إلى الخمسين، وقيل له: كهل؛ لانتهاء شبابه وكمال قوته، والانتهاء ليس معناه: أنه انتهت قوته، بل الانتهاء هو وصولها إلى أكمل ما يكون في هذه السن، بمعنى: أن الإنسان يكون كاملاً بدنياً وكاملاً عقلياً تتوافر قوته العقلية والبدنية، ومنه يقال: قد اكتهل النبات، أي: بلغ عنفوان قوته ونموه ونضجه.
الغلام يكون طفلاً ثم بعد ذلك إذا اقترب من البلوغ يسمى: مراهقاً، فالمراهق هو من كان قبل البلوغ، ثم بعد المراهق يسمى: محتلماً، ثم إذا بدأت اللحية تنبت فيه يقال: اتصلت لحيته، ثم يوصف بأنه مجتمع، ثم كهل، والكهل هو ابن ثلاث وثلاثين سنة.