[تفسير قوله تعالى: (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج)]
قال الله تبارك وتعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [البقرة:١٨٩]، يقول السيوطي رحمه الله تعالى: (يسألونك) يعني: يا محمد صلى الله عليه وسلم.
(عن الأهلة) جمع هلال، لم تبدو دقيقة ثم تزيد حتى تمتلئ ثم تعود كما بدأت ولا تكون على حالة واحدة كالشمس؟! (قل هي مواقيت) يعني: قل لهم: هي مواقيت، جمع ميقات.
(للناس) يعني: يعلمون بها أوقات زرعهم ومتاجرهم وعدد نسائهم.
العدد جمع عدة، أي: ليحصوا عدة المطلقة أو المتوفى عنها زوجها، وصيامهم وإفطارهم.
(والحج) الحج يدخل فيما سبق لكن الله سبحانه وتعالى أفرد الحج بالذكر لبيان شرفه وفضيلته على ما عداه من الأعمال.
(قل هي مواقيت للناس والحج) عطف على الناس، أي: ليعلم بها وقت الحج، فلو استمرت على حالة واحدة لم يعرف ذلك.
(وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها) يعني: في الإحرام، بأن تنقبوا فيها نقباً تدخلون منه وتخرجون، وتتركوا الباب، وهم ناس من الأنصار كانوا يفعلون ذلك ويزعمونه براً.
(ولكن البر) يعني: ولكن ذا البر (من اتقى) يعني: الذي يتقي الله بترك مخالفته.
(وأتوا البيوت من أبوابها) يعني: في الإحرام وغيره، يعني: في حالة الإحرام كغير الإحرام ائتوا البيوت من أبوابها.
(واتقوا الله لعلكم تفلحون) أي: تفوزون.
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: بلغنا أنهم قالوا: يا رسول الله! لم خلقت الأهلة؟ فنزلت هذه الآية.
وروى أبو نعيم وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نزلت في معاذ بن جبل وثعلبة بن غنمة قالا: يا رسول الله! ما بال الهلال يطلع دقيقاً مثل الخيط، ثم يزيد حتى يعظم ويستدير، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان، ولا يكون على حال واحدة؟ يعني: لماذا القمر تعتريه هذه التغييرات زيادة ونقصاناً في حين الشمس تكون ثابتة على حال واحدة؟ فنزلت هذه الآية.