الخطاب هنا للمسلمين، وكان المنافقون يتكلمون بالمطاعن، أو يتخلفون عن الجهاد ثم يأتونهم فيعتذرون إليهم، ويؤكدون معاذيرهم بالحلف ليعذروهم ويرضوا عنهم؛ إذ من شأن المنافقين الاستجنان بالأيمان الكاذبة كما قال الله:{اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً}[المنافقون:٢]، فيلجئون إلى الحلف ليكون وقاية لهم لحمل المؤمنين على تصديقهم، فقيل لهم: إن كنتم مؤمنين كما تزعمون فأحق من أرضيتم الله ورسوله بالطاعة.
(ألم يعلموا) أي: أولئك المنافقون، والاستفهام للتوبيخ على ما أقدموا عليه من المخالفة مع علمهم بسوء عاقبتها، وقرئ بالتاء على الالتفات:(ألم تعلموا)، فيكون الخطاب للمنافقين لزيادة التقريع والتوبيخ، أي: ألم يعلموا بما سمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم من فلول القوارع والإنذارات: (أنه من يحادد الله ورسوله) أي: من يخالف الله ورسوله، يقال: حاددته، أي: خالفته، والمحاددة: كالمجانبة والمعاداة والمخالفة، واشتقاقه من الحد بمعنى الجهة والجانب، كما أن المشاقة من الشق بمعنى جانب؛ فإن كل واحد من المتخالفين والمتعادين في جانب وشق غير ما عليه صاحبه، فمعنى:(يحادد الله) يعني: يصير في حد غير حد أولياء الله، فيخالف أولياء الله، ويخالف شرع الله؛ فيكون هو في حد ويأخذ جانباً مغايراً لجانب أولياء الله الذين هم المؤمنون، ويفترق عنهم ويأخذ حداً وجانباً غير جانبهم.
وقيل:(المُحادة) أو (المَحادة) مأخوذة من الحديد، أي: السلاح.