ثم يشير سبحانه وتعالى إلى أن التوحيد والإسلام ملة قديمة كان عليها الناس أجمع فطرةً وتشريعاً، وذلك في قوله عز وجل:((وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً)) أي: حنفاء متفقين على ملة واحدة، وهي فطرة الإسلام والتوحيد التي فطر عليها كل أحد.
((فَاخْتَلَفُوا)) أي: باتباع الهوى وعبادة الأصنام، فالشرك وفروعه جهالات ابتدعها الغواة؛ صرفاً للناس عن وجهة التوحيد، ولذلك بعث الله الرسل بآياته وحججه البالغة؛ ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة.
((وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ)) أي: بتأخير الحكم بينهم إلى يوم القيامة، وهذا هو تفسير هذه الكلمة حيثما وردت في القرآن، ومن ذلك قوله:{حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي}[السجدة:١٣] وقوله: {حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}[يونس:٩٦] أو {حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ}[غافر:٦]{وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ}[فصلت:٤٥] أنها تكون يوم القيامة، وكذلك قوله تعالى:{لَأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[هود:١١٩] كما حقق ذلك العلامة الشنقيطي رحمه الله تعالى في أضواء البيان.
((لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ)) أي: عاجلاً.
((فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ)) بتمييز الحق من الباطل وبإبقاء المحق وإهلاك المبطل.