[تفسير قوله تعالى: (وحملت الأرض والجبال لا تخفى منكم خافية)]
قال تبارك وتعالى: {وَحُمِلَتِ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ * يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١٤ - ١٨].
قوله: ((دكتا)) يعني: فتتا تفتيتاً.
قوله: ((دكتا دكة واحدة)) أي: رفعتا وضربتا ببعضهما من شدة الزلازل.
قوله: ((فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً)) في وصفها بالواحدة تعظيم لها، وإشعار بأن المؤثر لدك الأرض والجبال وخراب العالم هي دكة واحدها غير محتاجة إلى أخرى.
فهذا دليل على شدة قوتها، وأنها كافية وحدها لخراب العالم، ولا تحتاج إلى دكة أخرى.
قوله تعالى: {فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ} [الحاقة:١٥] أي: نزلت النازلة وهي القيامة، وهذا يبين أن من أسماء القيامة الواقعة.
قوله تعالى: {وَانشَقَّتِ السَّمَاءُ} [الحاقة:١٦] أي: انصدعت.
قوله: {فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ} أي: متمزقة.
قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا} أي: على جوانبها وأطرافها حين تشقق، والملك هنا اسم جنس معناه: الملائكة على أرجائها.
قوله: {وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ} أي: فوق الملائكة الذين هم على أرجائها.
قوله: {يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ} أي: ثمانية أفراد من الملائكة، أو ثمانية صفوف من الملائكة، والله أعلم بحقيقة ذلك.
قال ابن كثير: يحتمل أن يكون المراد بهذا العرش العرش العظيم، أو العرش الذي يوضع في الأرض يوم القيامة لفصل القضاء، والله تعالى أعلم بالصواب.
وهذه الآيات وهذه النصوص يجب علينا أن نؤمن بها كما جاءت، ولا نحاول أن نتعمق أو نتنطع في معرفة كنهها وحقيقتها، بل نؤمن بها كما وردت، وتفسيرها تلاوتها وقراءتها.
قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ} [الحاقة:١٨].
قوله: ((يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ)) أي: على ربكم للحساب والمجازاة.
قوله: ((لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ)) أي: أيّ شيء كان يستر ويخفى في الدنيا بستر الله يصبح بادياً معروضاً أمام الله سبحانه وتعالى.