بعدما حكى الله سبحانه وتعالى بعض أحوال بني إسرائيل مع نبيهم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأفعالهم الذميمة، وأحوالهم الميئسة من إيمانهم، قال تبارك وتعالى مخاطباً المؤمنين:{أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ}[البقرة:٧٥]، أي: أفتطمعون -أيها المؤمنون- أن يؤمن لكم اليهود بعد أن علمتم تفاصيل شئون أسلافهم الميئسة من إيمانهم، وهم متماثلون في الأخلاق الذميمة؟! فلا يأتي من أخلاقهم إلا مثل الذي أتى به أسلافهم، وهم يورثون طباعهم اللئيمة وخصالهم الذميمة إلى الأجيال من بعدهم، فالخطاب للمؤمنين في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
(وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يعني: وقد كان طائفة منهم وهم أحبارهم؛ لأن سياق الآيات كما سيأتي يبين أن الذين كانوا يفعلون هذا الفعل هم الأحبار بالذات.
وعبر هنا بالللام في كلمة:(لكم) لكي يضمّن الكلام معنى الاستجابة، وهي مثل قوله تبارك وتعالى:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ}[العنكبوت:٢٦]، ولم يقل: فآمن به لوط؛ لأن المقصود أنه استجاب له لوط، فضمن معنى الاستجابة، فيكون المعنى: أفتطمعون في إيمانهم مستجيبين لكم؟ أو أن اللام هنا للتعليل، يعني: أفتطمعون في أن يحدثوا الإيمان لأجل دعوتكم؟ (وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ) يعني: طائفة منهم وهم أحبارهم.
(يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ) أي: في التوراة.
(ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ)، يغيرونه.
(مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ) من بعد ما فهموه.
(وَهُمْ يَعْلَمُونَ) وهم يعلمون أنهم مفترون كذابون.
والهمزة في قوله تعالى:(أَفَتَطْمَعُونَ) للاستفهام الإنكاري، والمقصود: لا تطمعوا في إيمانهم فلهم سابقة بالكفر، وبقاياهم الموجودة في العصر المحمدي على مثل ما كان عليه آباؤهم في العصر الموسوي.