{قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}[هود:٧٣] قوله: ((قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ)) أي: أتستبعدين من شأنه وقدرته خلق الولد من الهرمين؟ يعني: أن أي امرأة في مثل سن امرأة إبراهيم ورجل في سن إبراهيم عليه السلام قد طعنا في السن وبشرا بولد، ألا يحصل تعجب من هذا؟! نعم يحصل تعجب، لكن الملائكة أنكرت على امرأة إبراهيم أن تتعجب.
يقول الزمخشري: إنما أنكرت عليها الملائكة تعجبها فقالوا: ((أتعجبين من أمر الله)) لأنها كانت في بيت الآيات، ومهبط المعجزات، والأمور الخارقة للعادات، فكان عليها أن تتوقر ولا يزدهيها ما يزدهي سائر النساء الناشئات في غير بيت النبوة، وأن تسبح الله وتمجده مكان التعجب، وإلى ذلك أشارت الملائكة صلوات الله عليهم في قولهم:((رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ)) أرادوا أن هذه وأمثالها مما يكرمكم به رب العزة، ويخصكم بالإنعام به يا أهل بيت النبوة! فليست بمكان عجب.
وقوله:((رحمة الله وبركاته عليكم)) كلام مستأنف علل به إنكار التعجب، كأنه قيل: إياك والتعجب! إياك والتعجب فإن أمثال هذه الرحمة والبركة متكاثرة من الله عليكم.
أي: فالجملة خبرية، وجوز كونها دعاءً بأن يجعل الله عليهم الرحمة والبركة.
ثم يقول: وأهل البيت نصب على النداء أو على الاختصاص؛ لأن أهل البيت مدح لهم، إذ المراد: أهل بيت خليل الرحمن.
((إِنَّهُ حَمِيدٌ)) أي: مستحق للمحامد، لما وهبه من جلائل النعم.
((مجيد)) أي: كريم واسع الإحسان، فلا يبعد أن يعطي الولد بعد الكبر.
وهو تذييل بديع لبيان أن مقتضى حالها أن تحمد مستوجب الحمد وتمجده.